About

الأربعاء، 17 يوليو 2019

ماذا لو احبك الله


حب الله لعباده خلق الله -تعالى- الإنسان، ونفخ فيه من روحه، وفضّله على كثيرٍ من المخلوقات، فأسجد الملائكة لآدم عليه السلام؛ رفعاً لقدره وقدر ذريته ومنزلتهم، وسخّر الله -عزّ وجلّ- الكون بكلّ ما فيه لخدمة الإنسان، وتحقيق النفع والخير له، فأطعمه، وسقاه، وآواه، وشافاه عند مرضه، وعافاه عند سقمه، وإنّ من واجب الإنسان عبادة الله -عزّ وجلّ- على الوجه الذي يرضاه، فذلك مدعاةً لحبّ الله -تعالى- لعبده، ومن الجدير بالذكر أنّ حبّ الله -تعالى- لعباده لا يُشبه حبّ البشر للبشر، فالبشر يُحبّون بعضهم البعض لحاجةٍ يجدوها عند المحبوب، بينما حبّ الله -تعالى- لعباده حبّاً ليس متبوعاً بطلبٍ أو حاجةٍ، فالله -تعالى- هو الغنيّ، وهذا الحبّ هو حبّ القويّ للضعيف، وحبّ العظيم للصغير، وقد قدّم الله -عزّ وجلّ- في القرآن الكريم حبّه لمخلوقاته على حبّ مخلوقاته له، فقال في مُحكم كتابه الكريم: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)،[١] وإنّ هذا من فضل الله على عباده، ولطفه، ورحمته بهم، وقد جاء في سبب تقديم الله -عزّ وجلّ- حبه لعباده على حبّ عباده له؛ بأنّ حب العباد لله -تعالى- لا يكون إلّا بتسخير الله -تعالى- قلوبهم لذلك، والله يُسخّر قلوب من يُحبّهم ليُحبّوه، هذا بالإضافة إلى بيان معنى الاستمرارية الذي دلّ عليه استخدام الفعل المضارع، وقد بيّن الله -تعالى- حبّه لعباده بوجوهٍ عديدةٍ، فمنهم من سمّاهم الله -تعالى- بأسمائهم في كتابه العظيم، ومن ذلك قوله: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى*أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)،[٢] ومن أوجه محبة الله -تعالى- لعباده اتخاذه لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- خليلاً، وقد ورد في ذلك قول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا).[٣][٤] دلائل وآثار محبة الله لعبده هناك مجموعة من الدلائل التي تدلّ المسلم على حبّ الله -تعالى- له، منها:[٥][٦] إشغال الله -تعالى- لعبده بمحبته وطاعته، فترى الذين يُحبّهم الله -سبحانه- يُسارعون إلى فعل الخيرات، ويحرصون على الالتزام بالطاعات، والبعد عن المنكرات، ويُحبّون ما يُحبّ الله عزّ وجلّ، وينفرون ممّا يبغضه، وترى ألسنتهم ذاكرة لله -تعالى- على الدوام، فتتيسّر أمورهم من حيث لا يحتسبون، وتتدبّر شؤونهم من غير ذلٍّ للبشر، ويُسدّد الله -تعالى- خطاهم ودروبهم وبواطنهم. اختيار الإنسان لأسهل الخيارات، واتصافه بالرفق واللين. القبول في الأرض، وما يدلّ على ذلك قول الرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أحبّ الله عبداً نادى جبريل: إنّ الله يحبّ فلاناً فأحبّه، فيحبّه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إنّ الله يحبّ فلاناً فأحبّوه، فيحبّه أهل السماء، ثمّ يُوضع له القبول في الأرض)،[٧] ويُقصد بالقبول في الأرض أنّ الله -جلّ علاه- يُحبّب عباده به، فيجعل قلوب الناس تميل إليه، فيرضون عنه، ويُثنون على تصرفاته. ابتلاء الله -تعالى- لعبده، فقد جاء في السنة النبوية الشريفة أنّ ابتلاءات الله -تعالى- قد يخصّ بها عباده الذين يُحبّهم. التوفيق لعمل الخير والصلاح قبل أن يحين الأجل. إجابة الله -تعالى- لدعاء العبد، فهذا دليل على محبّته له، وكذلك من آثار محبة الله -تعالى- لعبده أن يُسدّد قوله وفعله. نجاته من عذاب الله تعالى، وما يدلّ على ذلك قول الله عزّ وجلّ: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ).[٨] رحمة الله -تعالى- له، وحشره مع الذين يُحبّهم يوم يبعث عباده. حمايته من الفتن التي قد تظهر في الدنيا، وتؤثّر في دين الإنسان وعقيدته. أسباب حب الله لعباده حتى يفوز الإنسان بمحبة الله -تعالى- له، لا بُدّ من حبّه لما يُحبّ الله وبغضه لما يُبغض الله جلّ علاه، ومن الأمور التي تساعد على ذلك وتتسبّب بمحبة الله لعبده:[٦] الصبر؛ ويُقصد بذلك الصبر على الشدائد والمحن، والصبر على طاعة الله تعالى، واجتناب نواهيه. الأخذ بالأسباب والتوكّل على الله -عزّ وجلّ- صدق التوكل، وإنّ التوكّل على الله يشمل جلب النفع ودفع الشر. اتخاذ الإحسان منهجاً في المعاملة، وذلك في معاملة الإنسان للغير، وعبادته لله عزّ وجلّ. الجهاد في سبيل الله تعالى. بر الوالدين وطاعتهما، والصلاة على وقتها. الالتزام بأداء الفرائض، والحرص على أداء النوافل بعد ذلك، وما يدلّ على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممّا افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحبّهُ).[٩] الحرص على ذكر الله تعالى، والمواظبة على ذلك. المداومة على الأعمال الصالحة وإن قلّت. الالتزام بمكارم الأخلاق، بما فيها الحياء، والستر، والكرم، والحلم، والمسامحة، والأناة، والرفق، وغير ذلك. الإكثار من قول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وما يدلّ على ذلك ما جاء في الحديث النبوي الشريف من قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان علي اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم).[١٠] تجنب ما يُبغض الله تعالى، وما لا يُحبّ، ومن ذلك الكفر به، والاستكبار عن عبادته، والإساءة للآخرين والاعتداء عليهم، وظلم الناس، والإسراف، والمنّ، والإعجاب بالنفس، والتعالي على الغير.


0 التعليقات:

إرسال تعليق